تظاهر مئات من المسيحيين السوريين، أمس، فى أحياء بالعاصمة دمشق بعد ظهور مقطع فيديو يظهر إحراق شجرة خاصة باحتفالات عيد الميلاد قرب مدينة حماة، فيما أشارت تقارير إعلامية سورية إلى أن مسلحين من الأوزبك هم الذين أضرموا النار فى الشجرة.
وخرجت مظاهرات فى أحياء مسيحية عدة فى العاصمة السورية، احتجاجا على إضرام النار بشجرة عيد ميلاد فى مدينة السقيلبية ذات الغالبية المسيحية الأرثوذكسية، بعد انتشار مقطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعى يظهر فيه مقاتلون ملثمون وهم يضرمون النار بها.
وقال المرصد السورى لحقوق الإنسان إن أحياء دمشق، ومنها جرمانا، وكشكول، والكباس، والدويلعة، والطبالة، وباب شرقى، وباب توما، والقصاع، شهدت مظاهرات شعبية حملت رسائل الوحدة الوطنية بين جميع مكونات الشعب السورى.
ورفع المتظاهرون شعارات، مطالبين بإطفاء فتيل النعرات الطائفية التى تحاول زعزعة الاستقرار المجتمعى، كما دعوا القيادة العسكرية للتنسيق الفورى مع لجان الأحياء وتقديم الدعم اللازم لمواجهة أى تصرفات من شأنها تأجيج الفتن.
وذكرت تقارير إعلامية محلية أن بعض المتظاهرين حملوا صلبانا خشبية، بينما رفع آخرون العلم الذى تبنته الحكومة الانتقالية الجديدة، وهتف المتظاهرون نريد حقوق المسيحيين.
فى سياق متصل، ظهر فى مقطع فيديو آخر انتشر على وسائل التواصل، يظهر رجل دين يمثل هيئة تحرير الشام التى تتولى زمام السلطة فى سوريا، مخاطبا سكان المنطقة- بالقول- إن مرتكبى هذا العمل ليسوا سوريين، متعهدًا بمعاقبتهم، لافتًا إلى أن الشجرة سيتم ترميمها وإنارتها بحلول الصباح.
وأضاف المرصد السورى لحقوق الإنسان أن الحادثة أثارت استياء واسعا، إذ أحرق مقاتلون أجانب وينتمون إلى فصيل أنصار التوحيد الجهادى، بعدما أقدمت مجموعة من الأوزبك على حرق شجرة عيد
الميلاد، مستدركًا: مسلحون من الأوزبك (مقاتلون أجانب انخرطوا فى الصراع السورى منذ بداياته)، أضرموا النار فى شجرة عيد الميلاد فى السقيلبية فى ريف حماة التى يقطنها مواطنون من أتباع
الديانة المسيحية، ومنعوا المواطنين من الاقتراب تحت تهديد السلاح، فى حين قامت فرق الإطفاء بإخماد النيران بعد أن غادر المسلحون الموقع، وجرى ملاحقتهم واعتقالهم من قبل القوى الأمنية.
وتظاهر العشرات من أهالى السقيلبية، احتجاجا على الفوضى الأمنية والتضييق على الطقوس الدينية والاعتداء على رموز الديانة المسيحية، واعتصم مجموعة من الشباب أمام مقر قيادة المنطقة بالمدينة، استنكارًا لحرق شجرة
الميلاد فى المدينة. من جهته، قال بسام أبوعدنان، المحلل السياسى السورى، الباحث بمركز جسور للدراسات، إن سوريا عاشت 14 عامًا من الحرب، حيث عمل نظام بشار الأسد على تغذية البعد الطائفى لحماية نفسه بالأقليات ضد الأغلبية.
وأوضح أبوعدنان، لـالمصرى اليوم، أن هذه السياسة كانت واضحة، حيث تم تخويف الأقليات من الأغلبية لدفعها للوقوف مع النظام، منوهًا بأن النظام ارتكب جرائم من الطرفين، خاصة فى مناطق الاحتكاك، إذ كانت المخابرات تذبح أشخاصًا من الطوائف المختلفة وتلقى باللوم على الطوائف الأخرى. وفيما يتعلق بالاعتداءات على المسيحيين، وآخرها حرق شجرة الكريسماس فى سوريا، وصفها أبوعدنان.
بأنها حوادث فردية ناتجة عن مشكلات طائفية ودينية تراكمت على مدى 12 لـ 14 عامًا من الحرب، غالبًا ما تحدث فى مناطق الاحتكاك التى تضم مسيحيين ومسلمين وعلويين، مردفًا: سياسة السلطة هى ضبط هذه الأمور
ومنع تكرارها، مع إعطاء الناس حرياتهم الدينية.. السلطة تلاحق جميع هذه الحالات وتعمل على حلها، منوهًا فى الوقت ذاته بوجود تيار إسلامى متشدد نشأ خلال فترة الحرب، والذى قد يحاول تخريب الوحدة الوطنية.
وأشار أبوعدنان إلى أن الشعب السورى بمختلف طوائفه مل من الحرب ويرغب فى العيش بسلام، وهناك فئة محدودة من المجرمين والمتطرفين الذين يحاولون إثارة المشكلات، لكن السلطة تعمل على احتواء هذه الحالات بشكل فورى، متابعًا: الشعب السورى يرغب فى بناء بلده من جديد، والسلطة تحاول تقديم نموذج لسوريا موحدة.