القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

الختان وزواج الأطفال والدعم النقدي

بقلم خالد منتصر

ناقش البرلمان المصرى اقتراحا بأن يتم رفع الدعم النقدي أو الضمان الاجتماعي عن رب الأسرة الذي يُجرجر بناته للختان، وعن الأسرة التي تبيع طفلتها التي في المرحلة الابتدائية إلى أحد الأشخاص تحت اسم الزواج الشرعي وكأنها سلعة للبيع، وعن المتحرّش الذي يستبيح أعراض وسمعة البنات، وبالطبع كل شيء قابل للنقاش والمداولة تحت قبة البرلمان.

الختان وزواج الأطفال والدعم النقدي

لكن ما صدمني حقيقة وأسفت عليه أشد الأسف، أن أرى البعض يعترضون رافعين فزّاعة أنّ هذا يخالف الشرع، وأنّ ختان البنات وزواج الأطفال المبكر شرعي وحلال، ومن المعلوم بالدين بالضرورة!

معقول والعالم يُفكر بالذكاء الاصطناعي والهندسة الوراثية ويسافر رواد فضائه إلى المريخ، ما زال لدينا هذا الفكر الذي لا يتناسب مع حضارة أو حداثة أو حقوق إنسان، هذه الجريمة التي لا تتفق مع دين أو علم أو إنسانية أو فطرة أو عقل.

من قال إنّها من الشرع يعرف أنّ بنات الرسول لم يختتن، وأنّ هذه العادة إفريقية، وأنّ الختان لا يوجد في بلدان إسلامية، وأنّ حجة التجميل دجل ونصب، وأنّ من يريد إطفاء الشهوة كما يدّعي فليقطع المخ ويبتره، فهو المصدر وليس البظر هو المصدر!

كتبنا كثيرا وقدّمنا أدلة علمية ونقلنا أدلة دينية، وعلى رأسها كلام شيخ الأزهر السابق سيد طنطاوي، وبُح صوتنا وفي النهاية نجد تحت من يؤيد ختان البنات!، وليعرف أي شخص حتى لو كان مسؤولا أو شخصية عامة أنّه إذا ختن بنته سيُحال للمحاكمة ويدخل السجن بالقانون وليس بالبلطجة، والأب الذي يفكر مثل هذا التفكير لا يستحق دعما، بل لا يستحق أن يكون أبا من الأصل!

الأب الذي يبيع بنته في سوق النخاسة، وهي ما زالت في الابتدائية، هذا الأب لا يستحق دعما ماديا أو حتى جنسية مصرية، لأنه مسلوب العقل مقتول الضمير منزوع الهوية مغيّب الفكر.

البنت التي ما زالت حتى وقت قريب بالبامبرز يلقيها بيديه إلى جحيم علاقة بائسة، وحمل غير مستعدة بيولوجيا له، وأسرة كان المفروض أن تلعب مع أطفالها وتشاركهم، ولكن فرض عليها رعايتهم وإرضاعهم وتحمّل مسؤوليتهم!

لا بد أن نقتنع ونُؤمن كمجتمع بأنّ التغيير هو الثابت الوحيد في الكون، وأنّ التديّن الذي هو ممارسات بشرية مختلف تماماً عن الدين وقواعده الأخلاقية، فالتديّن ممارسات وطقوس من الممكن تغييرها وتبديلها، ولا بد أن نُفسح للعقل والاجتهاد مساحة كبيرة في حياتنا وإلا ستنقرض مجتمعاتنا التي ما زالت تتعارك حول القضايا نفسها منذ أربعة عشر قرناً!

كفانا إضاعة للوقت في مناقشات بيزنطية تستهلكنا وتقتل فينا تطلعات المستقبل، دعونا نندمج في مجتمعات الحداثة ونُركز في قضايانا المهمة التي لن يحلها إلا العلم.

خالد منتصر - الوطن
17 ديسمبر 2024 |