كان عنوان الأمس وقفة مع الصندوق و.. مراجعة، وهذا يتطلب بالضرورة وقفة مع النفس.. ومراجعة.
مراجعة أولويات الحكومة تحت وطأة ظرف اقتصادى صعيب فرضته حرب غزة، ومرشح للاستمرار لأشهر أخرى قادمة، أخشى الأسوأ لم يأت بعد فى ظل غطرسة القوة الإسرائيلية.
الخسائر المحققة شهريًا، والخسائر المتوقعة سنويًا، بالورقة والقلم تحش وسط أعتى الاقتصاديات، حتى الدول النفطية بالمنطقة تأثرت بشدة، وتوقعات باستدامة حرب غزة عامًا آخر ترتب أعباء اقتصادية لا قبل لنا بها، وترفع مستويات التوقعات السالبة، ما يحتم مراجعة الأولويات فى سياق فقه الأولويات.
راجعوا، ولا تخشوا لومًا، المراجعة تحتاج إلى شجاعة لا تنقصكم، مراجعة تُترجم، تقديم وتأخير فى أجندة الأولويات، تقديم الضرورى الذى يلبى حاجات المواطنين الأساسية، ويخفف عنهم حرور الحياة، وتأخير مشروعات الرفاه إلى حين يفىء الله علينا بكرمه.
تقديم ما يستر بيوت الطيبين، وتعليق (مؤقت) لمشروعات رفاه الموسرين، تلك تلقى بأعباء ثقيلة على كاهل اقتصاد منهك من أثر الحرب.. والضرورى فى أصول الفقه، مثل الضرورى فى الاقتصاد، ويعنى الضرورى المختصر المفيد واللب والجوهر، القلب والأساس، القصد والغاية.. والهدف هو الرضا العام.
فقه الأولويات، فقه المقاصد الوطنية العليا، مشتق من فقه المقاصد الشرعية العليا، وتترجم نفى الضرر ورفعه وقطعه، ما يسميه علماء الفقه الكليات الشرعية الخمس، حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل (العرض)، وحفظ المال، والرئيس السيسى قال بمثل هذا بالأمس القريب: إذا كان التحدى الاقتصادى هيخلينا نضغط على الرأى العام بشكل لا يتحمله الناس، فلابد من مراجعة الموقف مع صندوق النقد.
لا خير فينا إن لم نقلها، مقترح تعليق قائمة المشروعات المستجدة على أجندة الحكومة إلى حين ميسرة، واستكمال القائم منها فى حدود المُكنة الاقتصادية، يستثنى منها جميعًا مشروع حياة كريمة، أولوية أولى، هو أولى بالإنفاق الحكومى، لأنه المشروع الذى يصل بأسباب الحياة الكريمة للطيبين.
مراجعة فكرة التحول إلى الدعم النقدى، وإخضاعها لدراسات معمقة، والتمهل فى تطبيقها، مثل هذا القرار الجراحى العميق يتطلب ظروفًا مواتية، وبيئة شعبية حاضنة، يمس معايش كل بيت، بطاقة التموين، وبطاقة العيش تستر البيوت، عض قلبى ولا تعض رغيفى.. إن قلبى على الرغيف ضعيف.
مراجعة جدول رفع أسعار الطاقة (كهرباء ومحروقات)، ضرورة استثناء السولار، وأسطوانة الغاز من حزمة الطاقة، هذه ضرورة مستوجبة، فقط خمسة فى المائة من يحوزون سيارات، وبعضها فارهة، ويستهلكون بنزيننا بفئاته، ولكن بقية الشعب تستهلك سولار، نقل بضائع وركاب، نقل، أتوبيس، ميكروباص، توك توك، وهلمَّ جرا..
ولا ينبئك مثل خبير باقتصاديات الحرب، وهو قول منقول عن الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، مثل إطلاق اللفظ وإرادة نوعه أو صنفه أو مثله، قالها بعفوية سياسية، ولكنها حالة اقتصادية اضطرارية، ومراجعة بنود قائمة
السلع المستوردة ضرورة مستوجبة، وناقشها الرئيس على الهواء مباشرة فى افتتاح محطة بشتيل، ما يشى بخطورة المسلك الاستيرادى غير الرشيد على الاحتياطى النقدى.. خلاصته مستوجب تحكيم فقه الأولويات فى ظروف اقتصاد حرب.