تحتفل الكنيسة القبطية الارثوذكسية يوم 10 بابة الموافق 20 اكتوبر بتذكار استشهاد الشهيد العظيم سرجيوس ؛والذي تسمي كنيسة ابو سرجة بمصر القديمة علي أسمه تخليدا لذكراه.
وقصة حياته باختصار انه كان هو وصديقه واخس قائدين في الجيش الروماني في ولاية جالريوس ومكسيمانوس .
ولما دعيا ذات يوم لحضور أحدي الاحتفالات الخاصة بالآلهة الوثنية رفضا بثبات ، فحمي غضب القيصر عليهما وأمر بتجريدهم من ملابسهم وتعذيبهم ، وإمعانا في التحقير من شأنهما أمر إن يرتديا ملابس النساء ، وأن يوضع قيد حديدي في
عنقيهما ، ولقد أحتملا القديسان كل هذه الإهانات بشجاعة نادرة ؛فأمر الوالي بأحالتهما إلي أنطيوخوس حاكم سوريا الذي أمر أن يضرب واخس بأعصاب البقر ؛فنال أكليل الشهادة يوم 4 بابة من الشهر القبطي الموافق 14 أكتوبر من الشهر الميلادي .
ولقد أمر الوالي بإلقاء جسده الطاهر في نهر الفرات فقذفته المياه إلي الشاطيء ، فشاهده مجموعة من الرهبان المتوحدين ودفنوه بإكرام شديد ، بعدها أمر الوالي بتعذيب صديقه سرجيوس تعذيبا شديدا ،ثم أرسله الي
ولاية تعرف بأسم الرصافة ( أحدي مدن العراق في الجانب الشرقي من بغداد ؛ ولقد أزيلت في العصر العباسي ) ولقد كان والي الرصافة صديقا لسرجيوس ، فحاول بكل الطرق أن يقنعه أن يعدل عن رأيه وينكر إيمانه حفاظا علي
حياته ؛فرفض بكل إصرار ، وعندما يأس من إقناعه أمر بقطع رأسه فنال أكليل الشهادة في يوم 10 بابة الموافق 20 أكتوبر ( أي بعد أسبوع واحد من استشهاد صديقه واخس ) فقامت أحدي العذاري وأحتفظت بجسده حتي أنتهاء عصور
الاستشهاد ؛بعدها تم بناء كنيسة كبري علي أسمه في مدينة الرصافة بالعراق ؛قام خمسة عشر أسقفا بتدشينها ؛ وتحتفل الكنيسة بتذكار تدشين هذه الكنيسة في 19 هاتور من التقويم القبطي الموافق 28 نوفمبر من التقويم الميلادى.
أما تذكار تكريس كنيستهم في مصر القديمة فيقع في يوم 10 أبيب الموافق من التقويم القبطى الموافق 17 يوليو من التقويم الميلادى.
أما عن كنيسة أبو سرجة ، وتعرف أيضا بكنيسة المغارة ، فيؤكد المؤرخون أنها أقدم كنيسة في مصر القديمة بل وفي القاهرة كلها ، ولقد شيدت في نفس الموقع الذي مرت به العائلة المقدسة ، وفيها توجد المغارة التي أستراحت فيها العائلة المقدسة أثناء هروبها إلي أرض مصر ، وتقع المغارة أسفل الهيكل الرئيسي الذي علي أسم سرجيوس وواخس ، طولها حوالي 6 متر وعرضها 5 متر وارتفاعها 2 ونصف متر تقريبا.
ولقد ورد ذكرها في كتاب "تاريخ الأقباط " للعلامة المقريزى حيث قال عنها "كنيسة بو سرجة بالقرب من بربارة بجوار زاوية النعمان ؛فيها مغارة يقال أن المسيح وأمه مريم عليهما السلام جلسا بها ".
ولقد كتب عنها أيضا الرحالة فانسليب (1635- 1679 ) في كتابه "تقرير الحالة في مصر حيث قال عنها "ثم رأيت بعد ذلك كنيسة أبو سرجة التي بناها الكاتب القبطي لعبد العزيز بن مروان خليفة مصر في ذلك الوقت .
وتحت هذه الكنيسة مغارة صغيرة يقول الأقباط أن مخلصنا والعذراء مريم سكنوا بها فترة من الوقت بها ثلاث أجنحة بأعمدة صغيرة : وفي مدخل الجناح الأول حوض المعمودية وفي الجناح الثاني تجويف في الحائط تطهر بوجود مخلصنا بها ". كما ذكرها علماء
الحملة الفرنسية في موسوعتهم الشهيرة " وصف مصر " حيث قالوا عنها عند وصفهم لحصن بابليون " في أحد الكنائس القبطية يشير القساوسة إلي مغارة يقولون عنها أن العذراء مريم أحتمت فيها مع الطفل يسوع عندما جاء إلى مصر هربا من هيرودس " .
كما ورد ذكرها أيضا في العديد من المراجع الحديثة ، لعل من أشهرها موسوعة "الكنائس القبطية القديمة في مصر" للمؤرخ الانجليزي الشهير "ألفريد بتلر" ( 1850- 1936 ) حيث قال عنها "أن كنيسة أبي سرجة أو القديس سرجيوس هي الكنيسة الوحيدة التي تعتبر ملتقي سنويا ما بين السياح الذين يبحثون عن المناظر الجميلة والمرشدين الذين في غاية الجهل.
ويعود سبب هذا التميز إلي القصة التي تتعلق بالمغارة التي بالكنيسة بوصفها المكان الذي استراحت فيه العائلة المقدسة عند وصولها إلي مصر .......... كما كتب عن المغارة الأثرية الشهيرة فقال
عنها ( تعتبر مغارة أبي سرجة كنيسة صغيرة تحت الأرض ، وتنخفض أرضية المغارة بمقدار 8 اقدام و9 بوصات عن أرضية الخورس ، ويبلغ أقصي طول المغارة حوالي 20 قدما ، بينما يبلغ عرضها 15 قدما ،
وهي مقوسة السقف في شكل ثلاث قناطر ؛ ويمكن القول بأنها تتكون من صحن له جناح شمالى وجناح جنوبى ؛والجناحان منفصلان بأعمدة رفيعة عددها تسعة أعمدة ، وهناك علي خط هذه الأعمدة حائطان
يبرزان لمسافة 6 أقدام علي الحائط الشرقي للمغارة ويحصران بينهما ما يشبه الهيكل ....... ومن غير الممكن تماما التثبت من تاريخ هذه المغارة ، ولا شك أنها سابقة علي الكنيسة الرئيسية بعدة قرون.
ولذلك بنيت كنيسة فوق هذه البفعة في حوالي القرن الثاني أو الثالث .
أما المغارة الحالية فربما حلت محل المزار الأصلى ومن الطبيعي أنه مع مرور الزمن يتم بناء صرح أكبر وأعظم في نفس البقعة" ( الكنائس القبطية القديمة في مصر ،الفريد.
ج .بتلر ؛ترجمة إبراهيم سلامة إبراهيم ، مراجعة وتقديم نيافة الانبا غريغوريوس ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ؛ 1993 ، سلسلة الألف كتاب الثاني ، الكتاب رقم 130 ؛الصفحات من 175: 178 ).
ولقد كتب عنها أيضا كل من الدكتور رؤوف حبيب ، والمتنيح نيافة الأنبا صموئيل أسقف شبين القناطر ، والدكتور جودت جبره عبد السيد ، وأوتو مينادرس.
ومن أهم الأحداث التاريخية التي حدثت في هذه الكنيسة ، أنه في عام 859م تم تنصيب البابا شنودة الأول البطريرك رقم 55 فيها.
كذلك أيضا في عام 977م ؛تم تنصيب البابا آبرام بن زرعة البطريرك رقم 62 فيها ، وهو البطريرك الذي تم في عهده معجزة نقل جبل المقطم .
ولقد تم تجديد وإعادة افتتاح الكنيسة في 1 يونية 2016 بحضور كل من السيد حلمي النمنم وزير الثقافة السابق ، والدكتور خالد العناني وزير الآثار السابق ،والسيدة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة والتعاون الدولي السابق.
ولقد صرح القس أنجيليوس جرجس كاهن الكنيسة وقتها أنه أثناء عملية الترميم تم إكتشاف مجموعة كبية من الكنوز الأثرية نذكر منها :-
1-جرن للمعمودية مغطي بمباني من الطوب وطبقة من الرخام ومنقوش عليه صليب من المغارة ، ولقد تم اكتشافه بالمغارة ويرجع للقرن الرابع الميلادي.
2-شرقية مذبح المغارة وهي عبارة عن تجويف في شرقية مذبح المغارة ، حيث أكتشفت خلف الحائط الشرقي للمغارة .
3-مذبح الكنيسة وهو نسخة مطابقة للمذبح الأصلي الموجود بالمتحف القبطي ، بنفس النقوش البيزنطية ونفس نوع الخشب.
4- الحائط الأصلي للكنيسة :- وهو مماثل لطرق بناء الحوائط الموجودة في روما خلال الفترة من القرن الثاني الميلادي حتي القرن الرابع الميلادي .
5- معمودية من العصر الرسولي وهو مصنوع من الحجر ويرجع تاريخه لعصر الآباء الرسل .
6-أيقونة فريسكا لثلاثة أشخاص هم :- القديس مارمرقس في المنتصف ، وعن يساره البابا ديسقوروس البابا رقم 25 من باباوات كنيسة الإسكندرية ، أما الشخص الذي عن يمينه فلم نتمكن من معرفته.
7 جزء من الحجر الأصلي لرصيف الميناء القديم لقناة سيزوستريس التي ترجع إلي 600 سنة قبل الميلاد ؛والذي أستخدمه تراجان فيما بعد في القرن الثاني الميلادي ، ولقد تم عرضه تحت أرضية من الزجاج ووضع جزء منه في مكان للعرض خارج كنيسة المغارة.
كما قام قداسة البابا تاوضروس الثاني بتدشين مذابح الكنيسة الجديدة في يوم الأثنين 10 أكتوبر 2016 بحضور 14 أسقف من أساقفة الكنيسة القبطية ، كما قام قداسته بترقية ثلاثة من الآباء الكهنة إلي رتبة القمصية .