في مثل هذا اليوم تنيح القديس الأنبا بولا الذي من طموة ولأنه كان يميل منذ حداثته إلى العزلة والانفراد فقد قصد جبل أنصنا وسكن به وأقام معه هناك تلميذه حزقيال، هذا الذي شهد بفضائله.
ومن ذلك أنه من فرط محبته للسيد المسيح له المجد، أضنى جسده بالزهد والتقشف والأصوام والصلوات الكثيرة التي تفوق طاقة البشر حتى استحق أن يظهر له رب المجد سيدي يسوع المسيح....
وحدث انه بعد خراب برية شيهيت حوالي سنة 408 م. هرب القديس أنبا بيشوي إلى جبل أنصنا (أنتينويه) بصعيد مصر حيث التقى بالقديس أنبا بولا المتوحد هناك، وقد ارتبطا بصداقة روحية عجيبة حتى أن ملاكًا ظهر له يقول:
"إن جسدك سيكون مع جسد الأنبا بيشوي". ولا يزال الجسدان معًا في أنبوبة واحدة بدير القديس أنبا بيشوي حتى يومنا هذا. قيل أن أسقف أنصنا أراد نقل جسد القديس أنبا بيشوي فلم تتحرك السفينة، عندئذ أخبرهم متوحد
يدعى إرميا بوعد الرب للقديس أنبا بولا، فجاءوا بجسد أنبا بولا معه ونُقل الاثنان معًا إلى دير أنبا شنودة وفي أيام البطريرك يوسف (يوساب الأول) البطريرك ال 52 في القرن التاسع نُقل الجسدان إلى دير الأنبا بيشوي.
وبقاء الجسدين معًا في أنبوبة واحدة شهادة حية للصداقة الروحية المملوءة حبًا التي تربطنا معًا. فلا يقوى الموت على مفارقتنا، لا على صعيد الجسد في هذا العالم الزائل، وإنما على صعيد المجد الأبدي للنفس والجسد معًا.
وعُرف القديس أنبا بولا بحبه الشديد للعبادة خاصة الصلاة الدائمة، ونسكه الشديد حتى قال تلميذه حزقيال إنه تعرض للموت ست مرات بسبب شدة نسكه. عاش كمتوحدٍ لا يكف عن الجهاد حتى ظهر له السيد المسيح، وقال له:
"كفاك تعبًا يا حبيبي بولا"
فأجابه القديس: "دعني يا سيدي اُتعب جسدي من أجل اسمك، كما تعبت أنت من أجل جنس البشر؛ وأنت الإله قدمت ذاتك عنا نحن غير المستحقين".
و طوبه الملك المسيح على سلوكه في هذه الحياة الدنيا مسلك الكاملين الذين جاهدوا ضد الجسد والعالم والشيطان حتى تغلبوا عليهم.
فقال له الأنبا بولا "كل هذا بعنايتك يا خالق البشر وفاديه، بموتك عنا نحن الخطاة غير المستحقين". فعزاه الرب يسوع وقواه.
وتعيّد له الكنيسة في يوم 7 بابة، وتطلب صلواته في مجمع القداس الإلهي مع تلميذه أنبا حزقيال بعد القديس أنبا بيشوي الرجل الكامل حبيب مخلصنا الصالح مباشرة
بركه صلواتهم تكون معنا آمين...
و لآلهنا المجد دائما أبديا آمين...