نفت وزارة الخارجية المزاعم التى جاءت على لسان محمد حمدان دقلو قائد ميليشيا الدعم السريع، بشأن اشتراك الطيران المصرى فى المعارك الدائرة بالسودان الشقيق.
نفى على وقته، يمحق الكذب البواح الذى يطلقه دقلو، رائحته نفاذة، ألا تستحم من عارك يارجل؟!
لم يأت دقلو بجديد على الأسماع، تاريخيا وعبر عقود خلت كلما استعرت الحرب الأهلية فى السودان، تطايرت المزاعم تحملها رياح الكراهية نحو القاهرة..
ما ساقه دقلو سوق الإبل عبر درب الأربعين، ساقه أسلافه المتمردون قبلا، حدث مثله كذب بواح فى العام 1970، عندما هاجم جعفر النميرى الجزيرة (أبا)، طال لسان البعض كذبا باتهام المقاتلات المصرية بضرب الجزيرة!
كذّب طيب الذكر الإمام الصادق المهدى هكذا زعم عمر طويلا، وبرأ ساحة الشقيقة مصر من هذا الاتهام الجزافى. وهذا بنصه فى حديث خاص منشور فى مجلة المصور.
نفس الزعم الكاذب الذى روجه متمردو دارفور أثناء الحرب التى شنها البشير على الإقليم لقمع تمرد 2003، وكان دقلو وقتئذ قائد ميليشيا الجنجويد التى كانت تقتل الرجال وتسرق النوق، وتغتصب النساء، وتخطف الأطفال، سمعنا حكيا عن قصف مجهول فى الفاشر، زعم مروجوه أنها مقاتلات مصرية، وسقط زعمهم من فوره.
وثالثة الأسافى ما زعمه دقلو، وردت عليه الخارجية المصرية بنفى قاطع، ودعت المجتمع الدولى للوقوف على زعم دقلو وهو من أشعل الحرب الأهلية، ولايزال يمدها بوقود من دم السودانيين.
الحقيقة لا تضيع، قد تتوارى حينا من الوقت وراء كم وألوان الشائعات والأكاذيب، لكنها كالشمس تنتظر انقشاع الغيوم حتى تسطع بالنور المبين، أكلما ضاقت بهم السبل يصوبون كذبهم صوب القاهرة فى الشمال؟!.
ثابت، ومعلوم، من أول طلقة فى الحرب المشؤومة، والقاهرة تقف على تخوم السودان، على مسافة واحدة من الأطراف المتناحرة، تذب عن وجه السودان الجميل كل الزواحف والجوارح المتلمظة لقضمة من لحمه، اللحم السودانى طيب المذاق.
القاهرة كانت ولاتزال حائط الصد الأول والأخير فى مواجهة خطر تقسيم السودان، الحرب فى السودان ليست حربًا أهلية، ولكنها مقدمة لمخطط التقسيم الخبيث الذى يستهدف فصم عرى السودان، ويمزق النسيج الوطنى شر ممزق.
العقيدة المصرية راسخة، الحفاظ على الدولة الوطنية، سيما فى السودان الشقيق، وأن اجتماع الإخوة (الأشقاء) على كلمة سواء (وحدة السودان)، وعلى أمن وأمان (الشعب السودانى)، وغوث من شردتهم الحرب خارج الديار، وتأمين دخول القوافل الإغاثية الإنسانية إلى المناطق المتضررة، تشكل خارطة طريق واضحة المعالم لخروج السودان من نفق أزمة مظلمة.
مصر سعت حثيثا ولا تزال إلى دعوة الإخوة (الأشقاء) إلى حوار شامل، يشمل كل قضايا (التحول الديمقراطى)، جامع لكل القوى المدنية السودانية (دون إقصاء)، تحت رعاية (حيادية) تتلافى التجاذبات الإقليمية والدولية، حوار يفتح كوة فى الحائط المسدود فى وجه الوساطات على تنوع مصادرها وطروحاتها.
مصر تنظر إلى مستقبل السودان بصدر مفتوح، لا تحتكر الحلول، ولا تنفرد بالحلول، بل تستصحب كل الجهود العربية والإقليمية والدولية المقدرة، وتبنى عليها لإنقاذ السودان من غيابات الجب المظلم.