تحتفل الكنيسة المارونية الكنيسة المارونية بذكرى مُرت تقلا أولى الشهيدات، وولدت القدّيسة تقلا سنة 20 في نيقوميذيا من أبوين شريفين وثنيّين. خُطبت لشابٍّ وثنيّ. تعرّفت إلى بولس الرسول واهتدت إلى الإيمان المسيحيّ فاعتمدت على يده، ونذرت بتوليّتها للمسيح.
فسخت خطبتها معلنة إيمانها الجديد فحنقت أمّها عليها، ورغبت في إعادتها إلى رشدها. فاتّفقت مع خطّيب ابنتها أن يشيا بها علّها ترتدّ إلى إيمان آبائها. فسيقت إلى السجن حيث تعرّضت للموت أكثر من مرّة، فأُلقيت في بئرٍ مليء بالحيّات، ورُبطت إلى
عمود وأُضرمت النار حولها، ثمّ رُبطت إلى ثورَين جامحَين، وأخيرًا رُميت للوحوش المفترسة فلم تُصَب بأذى. عندئذٍ أُطلقت حرّة بعدما أعلنت أمام الجميع أنّها خادمة يسوع المسيح. فراحت تبشّر به في بلاد القلمون إلى أن رقدت بالربّ عن عمرٍ يناهز التسعين.
وبهذه المناسبة، ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها: يدعونا يسوع إلى الارتداد إليه. هذا النداء هو جزء جوهري في بشرى الملكوت: "تَمَّ الزَّمانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكوتُ الله. فَتوبوا وآمِنوا بِالبِشارة". في بشارة الكنيسة، يتوجّه هذا النداء أوّلاً إلى الذين لم يعرفوا بعد يسوع المسيح وإنجيله. لذا، فإنّ المعموديّة هي الموقع الرئيسي للارتداد الأوّل والأساسي...
والواقع أنّ نداء يسوع إلى الارتداد لا يزال يدوّي في حياة المسيحيّين. هذا الارتداد الثاني هو مهمّة مستمرّة لا تنقطع في الكنيسة كلّها التي تضمّ خطأة في حضنها، وهي في آنٍ معًا مقدّسة ومفتقرة دائمًا إلى
التطهير، والتي تتابع باستمرار سعيها للتوبة والتجدّد. هذا السعي إلى الارتداد ليس عملاً بشريًّا وحسب، بل هو من وحي القلب المنسحق، تجذبه النعمة وتحرّكه ليستجيب لحبّ الله الشفوق الذي أحبّنا هو أوّلاً.
قلب الإنسان ثقيلٌ ومتصلّب، ولا بدّ للإنسان من قلب جديد ينفحه به الله. الارتداد إنّما هو أوّلاً عمل نعمة الله الذي يردّ قلوبنا إليه: "أَرجعْنا يا رَبُّ إِلَيكَ فنَرجِع جَدِّد أَيَّامَنا كما كانَت في القِدَم
". يؤتينا الله قوّة لنبدأ من جديد. وعندما نكتشف عظمة محبّة الله، يتفطّر قلبنا من هول الخطيئة وثقلها، ويدبّ فيه الخوف من أن يهين الله وينفصل عنه. القلب البشري يرتّد إلى الله عندما يشخص إلى ذاك الذي طعنته معاصينا.