القائمة الأقباط اليوم أبحث
أهم الأخبار

من الحكم العثمانى إلى الحكم البريطانى.. مدينة السلام (30)بقلم الأنبا إرميا

بقلم الأنبا إرميا

تحدثت المقالة السابقة عن دخول مدينة القدس تحت الحكم البريطانى بعد الاستيلاء عليها؛ بعد حقبة كانت حاسمة فى تاريخها إذ انتهت عَلاقتها بالدولة العثمانية تمامًا. ثم أشارت المقالة إلى دور

من الحكم العثمانى إلى الحكم البريطانى.. مدينة السلام (30)بقلم الأنبا إرميا

بريطانيا فى القضاء على قوى الشرق؛ فأرغمت مُحمد على على قبول معاهدة لندن، سنة 1840م، التى قلصت من صلاحياته، وفى إضعاف الإمبراطورية العثمانية. ثم كانت أن اندلعت شرارة الحرب العالمية الأولى؛

وانتصر فيها قوات الحلفاء وخسَِرت الدولة العثمانية المقاطعات العربية ومنها فلسطين. أما مدينة القدس فقد دخلت فى مرحلة جديدة من التواصل الدولى، وصارت مقصدًا لعدد من اليهود فى العالم؛ ويذكر

موقع القدس عن ذلك: وفى صمتٍ بعيدٍ عن الضجيج العالى فى الساحة الدُّوَلية، عند نهايات القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، راح الزحف اليهودى نحو القدس يتزايد، حتى بلغ عددهم ثلاثين ألفًا

عام 1896م، وارتفع عام 1912م إلى تسعين ألفًا، ثم عاد إلى الانخفاض مع الشدائد التى شهِدها العالم أثناء الحرب العالمية الأولى، فوصل عدد اليهود فى القدس إلى خمسين ألفًا، ثم عادوا إلى الزيادة من جديد فيما بعد.

أما عن تلك الحقبة التى عاشتها مدينة القدس تحت الحكم البريطانى، فقد بدأت- كما أُشيرَ من قبل- مع دخول الچنرال Allenby المدينة، ثم إرساله برقية إلى قادته يطلب الرأى بخصوص الأعلام التى تُرفع على

مدينة القدس حال سقوطها فى يد الحلفاء؛ ويذكر موقع القدس: وقررت وزارة الحرب: أنه نظرًا إلى الطابع الفريد للمدينة، والمسائل الدبلوماسية والسياسية الصعبة العديدة التى أثيرت بصددها، فإنه يجب

إبلاغ الچنرال أللِّنْبِى بوجوب عدم رفع أى علم فى حالة احتلال قوات الحلفاء المدينة. وقد سلَّم عمدة القدس المدينة للقائد العام البريطانى، وأُعلنت الأنباء بإيجاز إلى مجلس العُموميين. ثم

استقبلت وزارة الحرب وفدًا عربيًّا مهنئًا بالنصر: استقبلت وزارة الحرب وفدًا عربيًّا يرأسه الكونت زغيد يمثل الفلسطينيين والسوريين العرب (المسلمين والمسيحيين) المقيمين فى إنجلترا. وقد تلا

الكونت زغيد رسالة تهنئة إلى حكومة صاحب الجلالة والقوات البريطانية بمناسبة الاستيلاء على بيت المقدس. كذلك أصدرت وزارة الحرب بيانًا صحفيًّا عن تلك الزيارة؛ مما جاء فيه: صاحب السعادة، لقد

طلب مندوبو أعضاء الجاليات السورية والفلسطينية العرب المقيمين فى لندن ومَنشِستَر زيارتكم اليوم، لكى يعبّروا لسعادتكم عن تهنئاتهم بمناسبة النصر والاستيلاء على بيت المقدس، وهم يعلنون

كذلك عن رغبتهم فى أن تنقُلوا إلى جلالة الملك وقواته تهنئاتهم القلبية المقرونة بالأمل، والتأكيد أن جيوش جلالته وكذلك الفصائل التابعة للوحدات الفرنسية والإيطالية سوف تواصل انتصاراتها

وتقدمها من أجل خلاص الشعوب التى تقوم بتحريرها من استبداد الحكم التركى. وهكذا انتقلت مدينة السلام من الحكم العثمانى إلى الحكم البريطانى، إثر معارك عدة أدت إلى انسحاب العثمانيين نهائيًّا

من القدس فى 9/12/ 1917م، بعد أن حكموا المدينة أربعة قرون كاملة؛ وقد سلَّم رئيس بلدية القدس- آنذاك حسين بك الحسينى- يصحبه وفد من المقدسيين، وثيقة الاستسلام؛ ودخلت القوات البريطانية مدينة القدس وسيطرت عليها.

بدأت بريطانيا سياستها بالتمهيد لإقامة دولة صهيونية على أرض مدينة القدس ففرضت انتدابها عليها، واختارت السياسى البريطانى اليهودى Herbert Samuel ليكون أول مندوب سامٍ لها فى

فلسطين، وهو ذو تنشئة دينية لكنه بعد دراسته الجامعية أعلن عدم انتمائه إلى أى دين، ومع ذلك لم يفقد عضويته بالمجمع اليهودى. وهبّ الشعب الفلسطينى وتظاهر محتجا على تلك

الإجراءات السياسية البريطانية؛ ومما ذُكر فى هذا الصدد أن فى مارس سنة 1921م اجتمع وفد فلسطينى بـالقدس مع Winston Churchill الذى أوفدته حكومته إلى المنطقة لمراجعة السياسة البريطانية.

و.. ولا يزال حديث القدس يأخذنا، والحديث فى مصر الحلوة لا ينتهى!.

* الأسقف العام

رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى

الأنبا إرميا - المصرى اليوم
25 سبتمبر 2024 |