وقت طويل كانت تقتطعه إيمان محمد من يومها لتوصيل ابنها الطالب في الصف الأول الإعدادى إلى الدروس الخصوصية التي يتلقاها في أماكن مختلفة، مرة في منزل أحد زملائه بالمدرسة، وأخرى في سنتر بحسب الاتفاق المسبق مع المدرسين، وبسبب الزحام
المرورى في شوارع القاهرة، خاصة في وقت الذروة، وضياع ساعات طويلة خارج المنزل، قررت الاتجاه إلى الدروس الأونلاين، بعد أن أخبرها أحد العاملين في السنتر الذي تتردد عليه بأن هناك دروسا أونلاين يقبل عليها بعض الطلاب غير الراغبين في الحضور.
لمعت عينا «إيمان» التي وجدت ضالتها أخيرًا في الدروس الأونلاين، فمن وجهة نظرها، وبعد تجربتها هذا العام؛ وفرت عليها تعب التنقل من مكان إلى آخر، وفى الوقت نفسه وفرت وقتًا
لابنها لمذاكرة دروسه في المنزل: «كنا نعانى من تنسيق مواعيد الدروس الخصوصية في السنتر، وكان ابنى يقضى وقتًا طويلًا خارج المنزل، فبعد يوم دراسى طويل كان يتناول ساندويتشا في
طريقه إلى السنتر، ثم يقضى ما يقرب من 3 ساعات، وهو ما سبب لنا ضغطًا كبيرًا، خاصة أننى أرافقه في كل دروسه، الآن بعد أن اشتركنا في النظام الأونلاين، وفرنا الكثير من الوقت والجهد».
في الآونة الأخيرة، أصبح الطلب على الدروس الأونلاين عبر تطبيق «زووم» متزايدًا، حيث يتم تحويل المبلغ للمدرس أو السنتر عبر خدمة «الكاش» التي تقدمها شركات الاتصالات، وهو ما لقى استحسان أولياء الأمور، خاصة هذا العام، في ظل قرار محمد عبداللطيف، وزير التربية والتعليم، محاربة الدروس الخصوصية وغلق المراكز والسناتر الخصوصية.
«احجز مدرسك أونلاين»، إعلانات كثيرة تطالع الطلاب وأولياء الأمور كل صباح، منهم «إيمان» التي قررت الاشتراك في نفس السنتر الذي كان تتعامل معه: «السنتر يوفر خدمتين؛ دروسًا في
المقر وأخرى أونلاين بأسعار أقل، لكنها مع نفس المدرسين وبنفس الجودة»، وهو نفس ما سلكته هالة رأفت، أم لطفلين في المرحلة الابتدائية، حيث وفرت الأموال التي كانت تدفعها يوميًا في
المواصلات، خاصة عندما تكون الدروس بعيدة عن المنزل، وأصبحت تتعامل أونلاين: «فرق كبير حدث منذ اشتراكنا في الدروس الأونلاين، لم يعد أبنائى مجهدين بسبب اللف على الدروس بعد المدرسة».
الفكرة لم تكن وليدة هذا العام، بل ظهرت منذ جائحة كورونا، التي دفعت الجميع إلى الاعتماد بشكل أكبر على التعليم الإلكترونى، وعلى الرغم من مميزات هذه الطريقة، إلا أن بعض أولياء الأمور
رفضوا هذه الطريقة في التدريس، متمسكين بالفصول التقليدية، ومن هؤلاء أحمد عبداللطيف، الذي يرى أن غياب التواصل المباشر بين الطالب والمعلم في الدروس الأونلاين مشكلة كبيرة: «التفاعل
الشخصى بين الطالب والمدرس يلعب دورًا كبيرًا في العملية التعليمية، الطالب يحتاج إلى وجود المدرس بشكل فعلى لطرح الأسئلة والتفاعل بشكل أعمق، وهو ما قد لا يتوفر بنفس الجودة في الدروس أونلاين».
ويختلف الأمر كثيرًا بالنسبة لـ محمد محمود، ولى أمر طالب في المرحلة الثانوية، الذي يعترف بأن ابنه لا يبقى كثيرًا منتبهًا خلال الحصص الأونلاين: «هناك الكثير من الملهيات على الإنترنت، مثل الألعاب ووسائل التواصل الاجتماعى، مما يؤثر سلبًا على مستوى التحصيل الدراسى، لذا لم أجد أي فائدة في هذه الطريقة».
وفى هذا السياق، قال الدكتور حازم راشد، أستاذ التربية والتعليم في جامعة عين شمس، إن انتشار الدروس الخصوصية عبر الإنترنت جاء كنتيجة طبيعية للتطور الرقمى الذي شهدته السنوات الأخيرة، مشيرًا إلى أن هذا التحول له تأثير مباشر على العملية التعليمية في مصر.
وأوضح راشد، لـ«المصرى اليوم»، أن التعليم الإلكترونى قد يكون مناسبًا للمرحلة الثانوية، حيث يتيح للطلاب التفاعل مع المعلمين عبر تطبيقات مثل «زووم»، ومع ذلك، أكد راشد أن هذا
الأسلوب غير فعال لطلاب المرحلة الابتدائية، حيث يتطلب هؤلاء الطلاب تفاعلًا مباشرًا مع المعلم لتسهيل الفهم. وأضاف أن التعليم عبر الإنترنت قد يعود بفوائد مالية على المعلمين
ويوفر الوقت والتكاليف لأولياء الأمور، إلا أنه لا يمكن أن يعوض عن الفوائد التعليمية التي تقدمها الدروس الخصوصية التقليدية، خاصة فيما يتعلق بالتفاعل المباشر بين الطالب والمعلم.