أزعجنى تصريح فنان مصرى بأن فيلم الأرض هو أسوأ فيلم مصرى لأن الفلاحة فيه غازلت مراهقاً!، لم أنزعج لأن فيلم الأرض فوق النقد برغم أن النقاد اختاروه ضمن أهم عشرة أفلام وأفضل فيلم ليوسف شاهين، ولكن لأن هذا الوصف ناتج عن
قراءة سلفية دينية للفيلم، وأن يصدر ذاك عن فنان لا داعية هنا مكمن الخطر، أن يحول الفنان السينما لخطبة دينية والاستوديو لمنبر!، ولن أطيل فى الدفاع عن الفيلم وسأترك النقاد الأجانب والمصريين يدافعون عنه من خلال تلك الاقتباسات:
قال الناقد الفرنسى كلود ميشيل: إنه من الضرورى أن يعرض المصريون أفلامهم فى المهرجانات، طالما أن لديهم مستوى الأرض الرفيع.
الناقد الفرنسى جى أنبيل: إن الأرض يتميز بصدقه وأمانته وواقعيته النقدية الراقية.
مارسيل مارتان: إن الأرض فيلم ملتزم تنبع شاعريته من رسالته الثورية.. وأنه يفتح المجال العالمى للسينما المصرية.. وذلك الفتح الذى تأخر كثيراً.
الناقد الفرنسى جان لوى بورمى فى مجلة الأبزرفاتور: إن الأرض ليس حدثاً بالنسبة للسينما العربية وحدها ولكن بالنسبة للسينما العالمية أيضاً.
الناقد السينمائى ماريو براون: إن فيلم الأرض المصرى يتميز بالموهبة، وإنه يعكس قصة الأرض والذين يزرعونها.. الأرض والذين يستفيدون منها.. الفلاحون وأبناء المدينة الفقراء.. والأغنياء الأقوياء.. والضعفاء....
جيرارد كونستابل: إن فيلم الأرض علامة طريق فى تاريخ السينما المصرية، وهو جدير بإعجاب العالم مثل أفلام هوليوود وروما وباريس. وقال عنه الناقد سامى السلامونى فى مجلة الإذاعة والتليفزيون: لست أذكر
عدد المرات التى شاهدت فيها (الأرض) ولكننى وجدت نفسى مشدوداً لمشاهدته فى التليفزيون وأنا الذى أحفظه عن ظهر قلب وكأننى أشاهده لأول مرة وأكتشف عالماً جديداً من الصور والأصوات التى تحملنى إلى كوكب آخر.
لقد كان (الأرض) كوكباً آخر بالفعل بالنسبة لما تقدمه السينما المصرية الآن، أو لعل السينما المصرية الآن هى الكوكب الآخر بالنسبة لـ(لأرض)الذى كان يمكن أن يكون هو (كوكبنا الحقيقى).
وذكرتنى إعادة رؤية الأرض بأشياء عديدة فنحن هنا أمام قرية مصرية حقيقية وفلاحين حقيقيين يواجهون مشاكل حقيقية هى مشاكلهم أمس واليوم أيضاً، وإن تغيرت بعض الصور، و(يوسف شاهين) الذى كان متهماً دائماً بأنه (خواجة) هو فى هذا الفيلم
فلاح مصرى حتى النخاع، يقدم لمسات ولمحات كبيرة وصغيرة لا تصدر إلا عن فهم كامل على كل المستويات السياسية والاجتماعية والأخلاقية للفلاح المصرى، وفوق قدرة (يوسف) التكنيكية المذهلة فى صنع عمل كبير كهذا، فهناك أولاً هذا الفهم
الصحيح لمشكلة (الأرض) والفلاح، ولكن ما لا بد أن نتذكره أيضاً هو سيناريو (حسن فؤاد) الذى كان محاولته الأولى والأخيرة فى السينما، ولسبب غير مفهوم توقف عن الكتابة للسينما بعد هذا الفيلم، وهو بالتأكيد خسارة كبيرة للسينما المصرية.
وإلى جانب (محمد أبوسويلم) أو (المليجى) العظيم فى قمة أعماله السينمائية كلها، و(يوسف شاهين) هو أفضل من يدير (المليجى)، فهناك جيش هائل من الممثلين الكبار والصغار، وهناك اكتشافات (يوسف شاهين) الجريئة التى لا تتوقف (نجوى إبراهيم، وعلى الشريف، وصلاح السعدنى)، وهناك احتضانه المتكرر والواثق لموهبة عزت العلايلى.
و(الأرض) تأكيد آخر على أن ما ينقص (يوسف شاهين) كمخرج عظيم هو سيناريو عظيم، كما هو دليل على أن ما تحتاجه السينما المصرية من (يوسف شاهين) ليس هو الأساليب العالمية الحديثة والمركبة التى لن تصل إلى الناس لأنها ليست من عالمهم الحقيقى، وإنما هو مجرد العودة إلى البساطة.