- منذ سنين و نحن نسمع عن بقية الأهل الذين فارقناهم.أبي لابان حكي لي و لأختي ليئة الكثير عنهم.
أحببناهم من غير أن نعرف وجوههم.كنا فى أرض بعيدة. أجنبيين عن رعوية إبراهيم.لنا آلهة غير إله ابراهيم. بيتنا كالمعبد المحترق.
الأوثان متناثرة تحت أقدام الغنم ننتشلها ثم نعبدها بكل جهل.
- راحيل إسمى و معناه الشاة.ذات يوم تفائلت به.جئت إلى البئر أحمل جرتى..جئت أنا الشاة إلى الراعى من غير قصد فأنا لم أكن أعرفه. من دمى و لحمي و لم أكن أعرفه .لم يكن لنا أخ فصار لنا كأنه البكر.إنسان قال لى
الكثير كأنه يعرف عنى كل شيء.أعلن عن شخصه.قدم نفسه لى.قبًلُنى كأنه ينفخ فى نسمة حياة.فجَرَت داخلى حلاوة العمر. .رق قلبى. كاد يقفز بين يديه.أحببته حين دحرج الحجر عن فم البئر.يا لجمال محبته.روانى و سقى كل
القطيع.كل القطيع.لم ينس واحدة.انه رجل جاء يخدم و ليس كالضيف.لم يأت ليلقى سلاماً و يمضى بل لأحيا معه كل العمر.يعقوب إسرائيل القديم هو. فيه يومض إسرائيل الجديد .و أنا راحيل صرت له بجهالتى كما صارت كنيسة الأمم.
- منذ قابلنى أفصح عن حبه..هانت عنده التضحيات.خدم ليدفع مهرى من حياته. كم نام على عتبة البيت كأنه باب الخراف.كم وجدته مرهقاً ليس له أين يسند رأسه. يأكله الحر فى النهار و هو بشوش معى و يقرصه الجليد فى الليل و هو راضٍ.سبع سنوات يعانى كل يوم ليأخذنى من مكر أبى و أوثان أبي.
-كنت أظنه يستصعب المهر لكنه يتفانى كل يوم أكثر فأكثر.إستهان بالخزى بالأتعاب من أجلى. جاز السنوات كالأيام لأنه أحبنى .بهذا المقدار أحبني و جعل من عمره مهرى.سبع سنوات كاملة ينتظرنى و سبعة فوقها يهديني. أراه فى كل الأمكنة.كل يوم يقول لي أحبك يا راحيل.
أحببت أسمى من شفتيه.أنا فخورة بحبيبى.ما كان يغيب عني. لما كان يتوارى قليلاً أعرف أنه فوق الجبل يختلى وحده و يصلى.
-كان ناموس أبى يقضى بأن تتزوج الكبيرة أولاً فتزوج يعقوب أولاً بالناموس ثم تزوجنى بالمحبة.أنا الأمة التى ليس لها الناموس.تمم الناموس لكى لا يعوقه شيء عنى. كانت لى منه و له المحبة الكاملة.
-يوم زفافى كانت الطعنة فى جنب حبيبي.حجبنى لابان عنه.جعل أختى المستترة تحت غطاءها على فراشى.خدعوا حبيبى و ظلموه أما هو فتذلل و لم يسمح ان أضيع منه.لم يتردد لحظة عن إنقاذى منهم.يعقوبى العظيم السخى وهبنى مهراً جديداً لم
أطلبه.سبع سنوات أخرى يخدم أبي ليأخذنى.كنت أراه الرجل و كنت أخاطبه كإله حتى قلت له يوما : هبني بينيا و إلا أموت. لم أكن أعلم أننى على نفسي أحكم بأنى أموت عند ولادة البنين .إلى اليوم عند بئر الحياة يولد البنون و أموت أنا بدماء معموديتهم.
- كان كل ما يصنع ينجح فيه.تباركت الخراف حتى صار لأبى أملاك أشبه بملوك الشرق. تذمر لابان مرارا كثيرة و يعقوب لأجلى صامد كالصخرة. طمع لابان فى الغنم القوية أما حبيبي فسُر قلبه أن يقتنى الضعفاء.كان طلب حبيبى الوحيد قدام
لابان أن تتشكل الخراف بالصورة التي يريدها هو. مرة طلب الخراف الرقطاء فأخذ الرقطاء و مرة طلب المخططة فأخذ المخططة. كلما مكر لابان كان يعقوب يصبر ويجد حلاً..لم يضم الخراف إلى خاصته إلا لما تشكلت على الصورة عينها التى أرادها.
- جرت بنا الأيام حتى وصلنا إلى بيت إيل.هناك أخذت إبنا من بطن بلهة جاريتى.هناك صارع يعقوب مع الله (إلحاحاً لأجل البركة) .فأسميت الولد نفتالى أى المصارعة.إفتخرت بمصارعة لم أصارعها لكن لأن حبيبي صارعها فأنا أحسب كل ما صار منه لأجلى كأنه صار منى.كانت فى الحقيقة كل مصارعاتى و إلى الآن هى مع أختى.
- فى آرام ولدت يوسف.لأجله لملمنا حالنا و غادرنا آرام لابان إلى بيت إبراهيم لعله و إن لم يلحق حضن إبراهيم يلحق حضن إسحق .كنت أرى يعقوب فى يوسف فأحببته أكثر من الكل.غار منه أخوته و أنا صنعت له قميصاً أنفقت فيه شهوراً طوال.إغتاظوا منه بلا سبب غدروا بطفلى الحبيب و حرمونى منه فتشتت إسرائيل مئات السنين لأجله.فى بيت إيل ولدت بنيامين و فى بيت إيل أموت.
-فى أفراته دفننى حبيبى و أقام عموداً على قبرى.إنه شاهد الحب بيننا.فأحيانى الحب كأننى ما مت.بقيت بروحى أشارك ضيقات أولادى الأسباط.أبكى حين يأخذونهم للسبى.البكاء للأرواح هو حمل ضيقات الأرضيين بالصلاة..لأنه ليس فى حضن إبراهيم دموع. أنا أم الأسباط أولاد حبيبي.
-كنت أشتاق إلى إسرائيل الجديد.يسوع المسيح.علمت عنه الكثير من إسحق و من يعقوب.رأيناه فى حضن إبراهيم قبل أن يتجسد على الأرض.كنا نتعزى حتى تجسد.
قتلوا أطفال بيت لحم حول قبرى.بكيت مع أمهات بيت لحم .لأنهم قتلوا أولادى أولاد حبيبي.لن أتعزى إلا حين أسكن مع إسرائيل الجديد بعدما يتم خلاصه فأرى بهجة الخلاص.لم أريد أن أتعزى مؤقتاً بل أريد التعزية الأبدية لذلك أبيت أن أتعزى إلى أن يأتى حبيبي و يخلصنى و يأخذنى معه إلى فردوسه.بيتنا الجديد..يومها جاء و أخذنى فتعزيت.عرفت أننى محبوبة إسرائيل الجديد أكثر من القديم.