تطبيق الشريعة المسيحية فيما يتعلق بقضايا المواريث فيما يتعلق بالتساوي بين الإناث والذكور في الميراث وكذلك بتحديد من هم الورثة المستحقين للميراث يعد من القضايا المهمة بالنسبة للأسر المسيحية، ونجد الكثير منهم كلما صدر حكما جديدا بتطبيق الشريعة المسيحية في قضايا الإرث يمضوا قدما لاكتساب حقوقهم في هذا الشأن،
ويقومون برفع قضايا للمطالبة بتطبيق الشريعة المسيحية في المواريث. ولقد صدر مؤخرا خلال شهر سبتمبر الماضي قرارا من نيابة الزاوية الحمراء الجزئية لشئون الأسرة، بإصدار إعلام وراثة مدونًا به استحقاق الورثة لتركة والدهم المتوفى
بالتساوي بينهم سواءً بسواء طبقًا للائحة الأقباط الأرثوذكس. ويمكن القرار الصادر -للمرة الأولى- من حماية حق المسيحيين في المساواة بين الرجال والنساء في الميراث وإصدار إعلامات وراثة مماثلة دون الحاجة للحصول على حكم قضائي جديد.
إعلام وراثة لأول مرة طبقًا للائحة الأقباط الأرثوذكس
هدى نصر الله مديرة الوحدة القانونية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمحامية التي تقدمت للمحكمة للحصول على هذا القرار، قالت لوطني: إن المحاكم المختصة كانت وما زالت تصدر إعلام الوراثة للأقباط مدونًا به
أن تقسم التركة بينهم وفقًا للشريعة الإسلامية، وفى حالة اتفاق الأسرة المسيحية على تطبيق الشريعة المسيحية في الميراث يكون عليها اللجوء للمحكمة للحصول على حكم ببطلان إعلام الوراثة والاستناد للشريعة
المسيحية، وهو الأمر الذى حدث فيما يتعلق بهذه الأسرة في شهر مارس الماضي، ولكن بعد حصولنا على بطلان إعلام الوراثة الذي كان يقر بتطبيق الشريعة الإسلامية بدأنا في إجراءات الحصول على إعلام وراثة جديد وواجهنا
صعوبات حتى نقوم بإثبات اصدار بطلان إعلام الوراثة واستمر الأمر لمدة ستة أشهر إلى أن صدر قرار نيابة الزاوية الحمراء الجزئية لشئون الأسرة، بإصدار إعلام وراثة مدونًا به استحقاق الورثة لتركة والدهم المتوفى
بالتساوي بينهم سواءً بسواء طبقًا للائحة الأقباط الأرثوذكس. ويمكن القرار الصادر -للمرة الأولى- من حماية حق المسيحيين في المساواة بين الرجال والنساء في الميراث وإصدار إعلامات وراثة مماثلة دون الحاجة للحصول على حكم قضائي جديد.
وأضافت نصر الله: إن إعلام الوراثة الجديد واحتكامه للائحة الأقباط يفتح الباب أمام الأسر المسيحية لإصدار إعلامات مماثلة له دون الحاجة للحصول على حكم قضائي، وذلك في حال اتفاق الأسرة على ذلك، وأتمنى أن تحصل الأسر المسيحية التي
تتفق على أنها تريد تطبيق مبادئ الشريعة المسيحية أن يحصلوا عليه مباشرة بداية من إعلام الوراثة بالمحكمة كل طبقا لطائفته سواء لائحة الأقباط الأرثوذكس أو لائحة الكاثوليك.. إلخ، دون الاحتياج لرفع دعاوى والحصول على أحكام قضائية.
استطردت نصر الله: في حالة وجود نزاع داخل الأسر فإن المحكمة إما أن تصدر إعلام الوراثة وفقًا للشريعة الإسلامية، ويكون على المتضررين اللجوء للقضاء مجددًا للحصول على حكم ببطلانه وتحكيم الشريعة المسيحية، أو أن تحيل المحكمة دعوى إعلام الوراثة لمحكمة أول درجة وبعد اصدار الحكم يكون هناك مجال للاستئناف.
لمحة تاريخية عن أحكام وقواعد المواريث
حظ الأنثى عنوان تقرير أصدرته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مؤخرا، قدم ملخصًا لتاريخ النصوص القانونية المنظمة لمسائل الأحوال الشخصية للمسيحيين في مصر الحديثة. كما يستعرض أنماط تعامل المحاكم المصرية المختلفة في الأعوام الأخيرة
وأوضح التقرير أنه بعد إقرار المادة الثانية من الدستور المصري الصادر سنة 1971، بات تطبيق الشريعة الإسلامية في توزيع الميراث وتوزيع الأنصبة أمرًا مفروضًا على المصريات والمصريين
المسيحيين، تطبقه المحاكم من تلقاء نفسها. واستمر ذلك، وتوالت أجيال من الأقباط لا تعلم عنها شيئًا. وفي محاولة للتحايل على هذا الواقع الغريب، درج الكثير من المسيحيين المصريين على
التغاضي عمَّا يرد بإعلام الوراثة، والقيام بقسمة رضائية وفقًا لمبادئ الشريعة المسيحية بالمساواة بين الذكر والأنثى في الإرث. ومع هذا لاقت أحكام الشريعة الإسلامية قبولًا لدى قطاع
كبير من الذكور المسيحيين، لأنها تمنحهم نصيبًا ضعف الإناث، في أغلب الأحوال. أو تفردهم بالإرث، وتحجب النساء، وحاول بعضهم تبرير ذلك بأن لا إرادة لهم في الأمر، إنما هو قانون الدولة الذي تفرضه المحاكم.
وعقب ثورة 25 يناير 2011 صدر دستور 2012، مقررًا في المادة الثالثة منه بأن مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود، تعد المصدر الرئيسي للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية.
وبالرغم من أن هذا النص لم يخرج عن التقليد الطائفي الذي يفصل بين المصريين في خضوعهم لقوانين الأحوال الشخصية، إلا أنه على الأقل قد جاء مطلقًا بتطبيق شريعتهم في أحوالهم الشخصية، ولم يشترط مطالبة وموافقة كافة الأطراف
على تطبيقها، كما في قانون الميراث. وعلى هذا الأساس، تعد المادة الثالثة مقيدة لحكم المادة الثانية من الدستور التي تقرر أن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.
كما صدر دستور 2014 الأخير متضمنًا المادة الثالثة في الحكم ذاته. وهكذا فإن نص المادة الثالثة من دستور 2014 قيد أيضًا حكم المادة الثانية منه فأحكام الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، فيما عدا ما نصت عليه المادة الثالثة. وعليه يصبح المصدر الرئيسي للتشريع في مسائل اﻷحوال الشخصية فقط بالنسبة للمسيحيين واليهود المصريين هو مبادئ شرائعهم
قواعد المواريث للمسيحيين منذ عام 1884
تجدر الإشارة إلى إن المصريين المسيحيين كانوا يطبقوا أحكام وقواعد الميراث إعمالا للأمر العالي الصادر من قبل الخديوي بتاريخ 14 مايو 1884 المعدل بقانون رقم 9 لسنة 1927 الخاص بلائحة ترتيب واختصاصات مجلس الأقباط الأرثوذكس العمومي والأمر الصادر في أول مارس 1902 بشأن الإنجيليين الوطنيين والقانون رقم 37 الصادر سنة 1905 بشأن الأرمن الكاثوليك
إلى أن صدر القانون رقم 25 لسنة 1944 ببيان القانون الواجب التطبيق في مسائل المواريث والوصايا، مقيدا حق المصريين المسيحيين في تطبيق قواعد الميراث المسيحية بأن جعل تطبيق تلك القواعد متوقفا على شرط موافقة الورثة على تطبيقها، ولا ينال من تطبيق تلك القواعد صدور القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية
في انتظار قانون للأحوال الشخصية للمسيحيين
مشروع قانون الأحوال الشخصية الموحد للمسيحين، يعد أحد أبرز الملفات المهمة التي بدأ العمل فيها منذ سنوات طويلة، وهناك مسودة قانون مقترحة تم إعدادها، من قبل طوائف الكنائس المصرية، وتم مراجعة المسودة من قبل وزارة
العدل، وفي انتظار أن تقدم الوزارة مشروع القانون لمجلس النواب خلال دور الانعقاد القادم. وتشمل مسودة القانون بابا كاملا خاص بالمواريث، ويقر هذا الباب بالقانون بشكل أساسي بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في المواريث.