عبرت العائلة المقدسة في اتجاه مدينة منف، التي يرجع تاريخ بنائها إلى الملك مينا موحد القطرين، وهى حاليًا منطقة ميت رهينة بالجيزة، لتواصل رحلتها الشاقة داخل مصر، وظلت عاصمة مصر لسنوات طويلة حتى تم تحطيمها بسبب الغزوات الآشورية، وتم هجرها تمامًا في العصر الرومانى، وما تبقى من آثارها موجود حتى الآن في متحف ميت رهينة.
ومن منف، توجهت العائلة المقدسة إلى صعيد مصر، وتحديدًا محافظة المنيا، حيث أخذت العائلة طريق النيل حتى وصلت إلى منطقة دير الجرنوس بالبهنسا، وترجع أهمية هذا المكان إلى أن العائلة المقدسة استراحت به بعد عناء السفر، وللمكان تاريخ أثرى عريق؛ حيث زاره كثير من الرحالة والمؤرخين، ففى عام 823 ذكر المؤرخ الواقدى أنه توجد بمنطقة دير الجرنوس بئر استقت منها العائلة المقدسة.
وتضم القرية أقدم كنيسة بالمنيا تم بناؤها في القرن الرابع الميلادى، ومازالت بقاياها موجودة حتى الآن، ثم تمت توسعتها في القرن السابع الميلادى، وكانت التوسعة الثانية في القرن العشرين، واحتضنت تلك
القرية العائلة المقدسة 4 أيام، ثم رحلت عنها إلى منطقة جبل الطير بسمالوط، وحامل الأيقونات داخل الكنيسة يرجع تاريخه إلى عام 1520م، كما تضم تذكارًا لشهداء دير الأنبا صموئيل الذين استُشهدوا على يد الإرهاب.
وانتقلت العائلة المقدسة إلى منطقة جبل الطير شرق النيل بمركز سمالوط شمال المنيا، حيث تضم المنطقة مغارة مكثت فيها العائلة ليلتين و3 أيام، ويسمى جبل الطير جبل الكف؛ ففى القرن الرابع الميلادى، سجل البابا تيموساوس، البطريرك 26، أنه عند عبور العائلة المقدسة النيل كادت تسقط صخرة من ذلك الجبل على المركب الذي كانت تستقله العائلة المقدسة، فسندها السيد المسيح بيده، وطبع كفه على الصخرة.
وفى عام 1168م، قام أمارليك الأول، ملك القدس، بزيارة جبل الطير بمحافظة المنيا، وقطع جزءًا من الصخرة المطبوعة عليها كف السيد المسيح، ونقله إلى سوريا، وفى القرن الـ12 الميلادى أُقيم الدير في الموضع الذي توجد به الصخرة، وفى القرن الـ16، تم إنشاء 166 درجة سُلم حجرية لسهولة صعود الزائرين جبل الطير بدلًا من الصندوق الذي كان يُستخدم قديمًا.