عندما يحتفل العالم بعيد الميلاد المجيد فاننا نحتفل فقط بميلاد السيد المسيح الزمنى من السيدة العذراء مريم.
فالمسيح لم يبدأ وجود بميلاده من العذراء مريم ، لكن موجود قبل كل الدهور فهو الازلى والابدى الكائن والذى كان والدائم الى الابد ( رؤ1: 4 ) ومجده منذ انشاء العالم ( يو 17 : 24 ) لكن ميلاده من العذراء مريم هو اليوم الذى اتخذ فيه الله الكلمة جسدا وحل بيننا ورأينا مجده ( يو 1 : 14 ). فالمسيح هو الله الظاهر فى الجسد ليخلص الانسان الذى هلك بالخطية.
يأتى عيد ميلاد السيد المسيح له كل المجد حاملا معه رسالة الهيه وانسانية معا.
رسالة ممتدة حتى السماء وعلى طول الارض وعرضها ولا حدود لأمتدادها. بالميلاد نحن أمام مولود المذود غيرالمخلوق قبل الخلائق وأعظمها جميعا.
نحن هنا أمام أب البشرية كلها ورأسها الجديد ، آدم الثانى الذى لا بداية أيام له ولا نهاية .أب البشرية كلها الذى تستمد الخليقة وجودها وبقاءها منه ، وبه ينتهى القصد من خلقتنا ، فهو
المبدأ والنهاية العلة والغاية لكل الخليقة. ميلاد السيد المسيح مناسبة تهتز لها أساسات التفكير المنطقى، وتوقظ وعى الانسانية بأسرها. من هذا المنطلق ، العالم كله ، بميلاد السيد
المسيح قد بدأ عصرا جديدا يتميز عن كل ماسبقه من عصور ، وأصبح يوم الميلاد حدثا تاريخيا هو الاول والاخير من نوعه ، حيث يمثل فاصلا بين زمنين متمايزين ، زمن ما قبل الميلاد وزمن ما بعد الميلاد
كان ميلاد السيد المسيح عجيبا ، ولد بطريقة لم تحدث لكائن من البشر سواه ، ولن تحدث لاى كائن من البشر من بعده.
السيد المسيح الوحيد بين كل الخليقة الذى تنبأ الانبياء بمولده قبل الميلاد بمئات السنين بمنتهى الدقة والوضوح.
من بين تلك النبوات الكثيرة فى العهد القديم اذكرالبعض منها كامثلة لضيق المساحة.
من أقوى وأجمل النبوءات عن ميلاد المسيح والتى تجمع بين الله والانسان فى شخص واحد ، وتؤكد أن المولود له أسماء وصفات الله فيكون هو بالحقيقة الصورة الانسانية التى سيظهر بها الله للعالم .. تنبأ أشعياء النبى نبوته العظيمة " لانه يولد لكم ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا الها قديرا أبا ابديا رئيس السلام " ( أش 9 : 6).
وعن بنوته للآب تنبأ معلمنا داود النبى " الرب قال لى أنت ابنى.
أنا اليوم ولدتك.
اسألنى فأعطيك الأمم ميراثا لك وأقاصى الارض ملكا لك.
" ( مز 2 : 7،8 )..
لقد أعلن أشعياء النبى قبل الميلاد بمئات السنين بكل وضوح وصراحة فقال : " ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل " ( أش 7 : 4 ) ويقصد بكلمة ( عمانوئيل ) شخص السيد المسيح ( الله معنا ) ، وهذه النبوءة العظيمه تتطابق مع
قول معلمنا متى البشير أن المولود من العذراء الطاهرة مريم هو نفسه ( عمانوئيل ) الذى دعاه الملاك جبرائيل والذى تنبأ به أشعياء النبى " هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا " ( مت 1 : 23 ).
هذه النبوءات تحدد ظهور الله متأنسا فى شخص السيد المسيح أ. نعم لقد عين لنا الروح القدس الصورة الانسانية التى سيظهر بها الله بأكثر من شاهد .. فيقول ميخا النبى " اما انت يا بيت لحم .. فمنك يخرج لى الذى يكون متصلتا على اسرائيل.
ومخارجه منذ القديم منذ أيام الازل.
" ( ميخا 5:3 ) .. وتنبأ دانيال النبى فقال " كنت ارى فى رؤى الليل واذا مع سحب السماء مثل ابن الانسان أتى وجاء الى قديم الايام فقربوه اليه فأعطى سلطانا ومجدا وملكوتا تتعبد له كل الشعوب والامم والالسنة.
سلطانه سلطان أبدى ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض " ( دا 7 : 13 ، 14 ) .. ان هذا الانسان هو كلمة الله الذى هو ابنه .. وهو وحده الذى مستحق أن تتعبد له جميع الشعوب والقبائل والالسنة فهو الله المتأنس الذى أخذ جسدا وصار انسانا .
رسالة ميلاد الرب يسوع ، تتمثل فى عمق محبته للعالم كله ، ومن منطلق هذا الحب سعى الى خلاص العالم " هكذا أحب الله العالم ... حتى بذل ابنه الوحيد " ( فى2 : 7 ).
يحب الآخرين بلا شرط وبلا حدود وبلا مقابل ..المحبة ليست مجرد فضيلة أو تفاعل انسانى راق ، بل المحبة اساس لاهوتى بدونها لا يكون الانسان مسيحيا.
انه مسيح العالم كله ولد من اجل كل البشر لأنه أحب العالم كله .أحب العالم بكل ما فيه من خطايا العالم المقهور من الشيطان ، عالم ضعيف عاجز غير قادر على خلاص نفسه.
ان السيد المسيح له كل المجد لا يرضى الا ان يكون لكل البشر.
ولا يقبل بأقل من العالم كله.
ألم يأتى المسيح لخلاص كل العالم ؟