ثلاث لقاءات جمعت الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والبابا فرانسيس بابا الفاتيكان، خلال عامين، كان الأول فى 25 مايو 2016 بالمقر البابوى بروما وكان فى إطار سعيهما لاستئناف الحوار بعد توتر وقطيعة
امتدت نحو 10 سنوات، وكان اللقاء الثانى فى 28 إبريل 2017 وكان بمشيخة الأزهر وذلك على هامش مشاركة البابا بمؤتمر الأزهر للسلام، ليكون اللقاء الثالث 7 نوفمبر 2017 خلال زيارة الامام الاكبر لروما للمشاركة بجلسات حوار الشرق والغرب.
الإمام الأكبر شيخ الأزهر والذى يمثل أكثر من مليار ونصف المليار مسلم بصفته على رأس أكبر وأقدم مؤسسة إسلامية فى العالم، وصف بابا الفاتيكان البابا فرانسيس بكلمات غاية فى الاحترام تنم عن مدى الانسجام بين اكبر قيادتين دينيتين فى العالم
واصفا إياه قائلا: "إننى مستبشر كل الاستبشار بهذا الرجل الرمز والنادر فى أيامنا هذه، والرجل الذى يحمل بين جنبيه قلبا مفعما بالمحبة والخير والرغبة الصادقة فى أن ينعم الناس كل الناس بالسلام التعايش المشترك وتكامل الحضارات وتبادل الحضارات".
إعادة بناء العلاقات الدولية على أسس روحية
وعلق الدكتور محمد مهنا، مستشار شيخ الأزهر الشريف، على الزيارة قائلا: تأتى أهمية تلك الزيارة فى حاجة العالم اليوم إلى قيم الاديان فقيم الاديان هى الوحيدة الكفيلة الآن بمكافحة الإرهاب واستعادة الاستقرار والأمن
والسلام فى العالم، العالم الذى أنهكته الصراعات والحروب والخلل الاقتصادى والتفاوت بين دول الشمال والجنوب، الذى فى حاجة الان إلى قيم روحية تعصمه من الافراط والتفريط، وهذه القيم الروحية لن تكون إلا فى الأديان".
وأضاف لـ"اليوم السابع" أن أهمية الزيارة تأتى فى إعادة بناء العلاقات الدولية على أسس روحية وأسس من القيم والمبادئ العليا لتحل محل المبدأ الميكافيلى أو مبدأ المنفعة أو المصالح الذاتية والمادية الخسية وبقدر ما تكون المادة سببا للتفرق والانقسام تكون الروح سببا فى الوحدة والانسجام.
تقوية أطر الحوار الحضارى بين الشرق والغرب
الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، كشف أن اللقاء استعرض فيه كثيرًا مما يقلق ضمير الإنسانية ويحمل لها الألم والشقاء، واستشرفنا معا آفاق المستقبل من أجل العمل المشترك لرفع المعاناة عن الفقراء والبؤساء والمستضعفين فى العالم.
جاء اللقاء الذى يمثل قمة تاريخية بين الرمزين ليست الأولى من نوعها؛ ليؤكد عمليا على استمرار تقوية أطر الحوار الحضارى بين الشرق والغرب، وتنسيق الجهود بين الأزهر الشريف والفاتيكان من أجل ترسيخ قيم السلام، ونشر ثقافة التسامح والتعايش بين مختلف الشعوب والدول، وحماية الإنسان من العنف والتطرف.
قضايا النزاعات الطائفية تتصدر مباحثات البابا وشيخ الأزهر
واحتلت قضايا النزاعات الطائفية والاضطهاد الدينى والعنصرية إلى جانب قضايا نشر السلام والتسامح وقيم العدل والمساواة صدارة مباحثات فضيلة الإمام الأكبر مع قداسة البابا فرانسيس، حيث أكد فضيلة الإمام الأكبر العمل المشترك فى تبنى حوار جاد بين جميع الأطراف لحل النزاعات والتأكيد على براءة جميع الأديان من دعاوى العنف والتطرف.
وتطرق الحديث بين الإمام والبابا إلى بحث الجهود المشتركة من أجل السلام وخاصة ما بعد مؤتمر السلام العالمى الذى عقده الأزهر ومجلس حكماء المسلمين بالقاهرة وحظيت رسالة شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان باهتمام بالغ وواسع النطاق فى مختلف الأوساط الشرقية والغربية.
كما رحب البابا فرانسيس بتواجد شيخ الأزهر الشريف بروما، وأكد أنه يعتز بشخص شيخ الأزهر وبنشاط فضيلته المكثف لنشر قيم السلام والمحبة والعيش المشترك بين البشر عالميا.
بابا الفاتيكان يدعو شيخ الأزهر لتناول الغداء فى منزله
ودليل على قوة العلاقة بين القطبين أصر البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، على دعوة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، لتناول الغداء فى منزله الخاص، وذلك فى لمسة أخوية معبرة، عقب لقاء القمة الخاص، الذى جمعهما اليوم الثلاثاء فى المقر البابوى.
واصطحب البابا فرنسيس الإمام الأكبر، سيرا على الأقدام، إلى منزله الخاص القريب من المقر البابوى، وأخذ كل منهما بيد الآخر فى مشهد يعبر عن الأخوة الصادقة التى تربط بين الرمزين الدينيين الأبرز فى العالم، واستمر هذا اللقاء الأخوى الخاص قرابة الساعتين ونصف فى جو مفعم بروح المحبة والأخوة.
لقاء يجمع فى طياته الخير للناس
الى ذلك كشف المستشار محمد عبدالسلام، المستشار التشريعى والقانونى لشيخ الأزهر، عن كواليس اللقاء، وقال المستشار: لقاء تاريخى بكل المقاييس يجمع بين إمام المسلمين الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف والبابا فرنسيس بابا الفاتيكان لبحث سبل صناعة السلام للبشرية جمعاء (ما بعد مؤتمر السلام العالمى) الذى عقده الأزهر ومجلس حكماء المسلمين قبل أشهر فى القاهرة بمشاركة حضرة بابا الفاتيكان.
وتابع: لقاء يجمع فى طياته الخير للناس كل الناس مهما اختلفت ألوانهم أو أجناسهم أو عقائدهم، عظمة الشخصيتين وحبهما للسلام تتجلى فى الأفق بحثا عن نشر ثقافة التعايش والحوار ونبذ العنف والتطرف والتعصب والإرهاب.
تنسيق الجهود من أجل نشر السلام
وأضاف أن الهم الأكبر الذى كان حاضرا بقوة خلال لقاء الرمزين الدينيين الأبرز فى العالم هو تنسيق الجهود من أجل نشر السلام والعمل على التخفيف من معاناة الضعفاء والفقراء والمحتاجين.
وأشار "عبد السلام" إلى أن حرص البابا على دعوة إمام المسلمين إلى منزله الخاص وترحيب الإمام الأكبر بالدعوة وسط حديث ودى مفعم بالمشاعر الطيبة يوضح بقوة مدى حرص الطرفين على المضى قدما فى دفع عجلة السلام فى العالم أجمع، والعمل سويا من أجل نصرة ودعم الضعفاء.
واختتم تصريحاته قائلاً: إن هناك جهودًا كبيرة يقودها إمام السلام الذى يطوف العالم شرقا وغربا من أجل القضية التى كرس حياته من أجلها وهى العمل من أجل تحقيق السلام لكل الناس ونشره فى كافة أنحاء العالم.